
🔥البحث عن الحلقة المفقودة🔥
معروف أن إسقاط البشير لم يكن بالسهولة واليسر كما يظن البعض ،وأن حلقات التغيير في السودان متكاملة ونسيجها ممتد ما بين الصراعات الداخلية والتأثيرات الخارجية.
ففي الداخل هناك صراعات قديمة متجددة بين أحزاب اليمين الطائفية التي تعيش على زخم الماضي وتعزف، في وتر القبلية والسلوك الإسلامي التقليدي لدي المجتمعات ،وأحزاب اليسار التي تتمسك بالمدنية الكاملة ولن تستطع بعد من كسب المجتمع السوداني إلاَّ القليل من الشباب الطائش !!وتدخل الحركة الإسلاموية وسيطرتها على مفاصل القيادات العُليا للجيش السوداني والتحكم على مفاصل الأجهزة الأمنية الحيوية وتجييرها لِخدمة المصالح الفردية لقادتها دون الإهتمام بالمهنية والعقيدة الوطنية.
صحيح أن الشعب السوداني قوي في ثوراته متماسك ،وتلاحمه قوي أمام بطش طغاة الشمولية ،إلاَّ أن طمع الأحزاب السياسية الزائد سُرعان ما يهزم الثورات ويقزم أدوارها فتعود ساقية السيطرة الشمولية للمشهد وتضيع المجهودات الثورية دون الوصول إلى أهداف الثورة الحقيقية .
ثورة ديسمبر المجيدة لم تكن كسابقاتها من الثورات، و آيادي القبضة الأمنية كانت حاضرة بإستخدام حِيلة التعجيل بسقوط البشير في الخطة (أ) التي بُنيت عليها إعلان بيان إبن عوف الأول ،بعد أن عَجزت لجنة البشير الأمنية عن إقناع قيادة الدعم السريع بمواجهة الثوار بالقوة المفرطة!!وانحياز الجنرال محمد حمدان دقلو إلى الشارع السوداني فكانت الملحمة الأقوى !!!عندما ردد الثوار شعارات “حميدتي معانا ما همانا”❗”حميدتي الضكران !!الخوف الكيزان”،فإنكسر طوق الخطة (أ)وسرعان ما طُبقت الخطة (ب)التي قادت إلى تنحي إبن عوف ،وظهر (عبدالفتاح البرهان وبجواره كباشي)وهما الأكثر آخلاصاً للإسلاموييين !!!وكانت الخطة :تقريب وجهات النظر بينهم وبين قيادة الدعم السريع والظهور بمظهر الداعمين للثورة والثوار ،ومن ثم تطبيق تقويض الثورة من الداخل !!!فكانت الكارثة الأولى على الثوار (جريمة فض الإعتصام)والتي جاءات بصورة تُخالف المبادئ والثقة الموجودة بين الشعب والجيش !!!والجميع شاهد، ورأى الجولات المكوكية التي قام بها البرهان نحو مِصر !!ومن ثم جاءات طامة فض الإعتصام! وكان حديث كباشي دليل واضح على التخطيط المسبق لإرتكاب الجريمة!والتسريبات التي تمت من فيديوهات تصور فئة من قوات عسكرية تلبس لبس الدعم سريع وتتحدث بلهجة معروفة لبعض المجتمعات السودانية ،قد تُبين حجم المؤامرة التي دًبرت !!والتي تهدف الى خلق فجوة بين الثوار ومن بزل جُهداً مقدرا لحماية الثورة والثوار !!!وكاد المخطط أن ينجح !!لولا فطِنة قيادات الدعم السريع وطول نفس المؤسس حمدوك !!فإستمرت الفترة الإنتقالية متعثرة متشاسكين من فيها ،مما سهل مهمة البرهان في اتخاذ خطواته الإنقلابية التي أطلق عليها:(الخطوات التصحيحة)،دون أن يتمكن من تصحيح الأوضاع بل إزدادت تعقيداً واصبحت الأزمات الإقتصادية والأمنية تخنق الشعب السوداني دون إيجاد حلول ناجعة من السلطات في كافة المستويات الولائية والمركزية .
صحيح أن هناك محاولات إسعافية من نائب رئيس مجلس السيادة لتخفيف وقع الأزمة المعيشية على الأهلي وتقديم بعض المعونات،من خلال المنظمات العاملة في المجالات الإنسانية؛والسعي الى إدارة بعض الأزمات الأمنية في دارفور وكردفان وشرق السودان ،وجهود لجنة السِلم و التصالحات ،داخل قواته التي عقدت مؤتمرات من أجل التصالحات المجتمعية في مناطق النزاعات في دارفور وإقامة ملتقى السلام لأهل جنوب وغرب كردفان في الخرطومفي الخرطوم.
كثير ما سمعنا حديث البرهان أمام الملأ عن وحدة القوات النظامية وتبعية قوات الدعم السريع للقائد الأعلى للقوات المسلحة وفق قانون نشأتها،وشاهدنا تعثرات العملية السياسية الجارية في السودان ،وتدخل الآيادي الخارجية،وقد طل علينا نائب رئيس مجلس السيادة وقائد قوات الدعم السريع في حديث صادق وشفيف مبيناً حجم الضغط الخارجي والمؤامرات الداخلية !!!وقال بالحرف الواحد:أن التغيير الذي تم !!هو دخول البشير للسجن فقط !!وأشار ضمنيا إلى إمساك الكيزان بملفات الدولة ومفاصلها !!مما قاد إلى إنسداد الأفق السياسي .
أعلن حميدتي دعمه للإتفاق الإطاري وسعيه الجاد إلى إنفاذ بنوده التي وقعوا عليها هو والبرهان ،داعياً الجميع إلى مرعاة حساسية الوضع الأمني والسياسي في السودان ،قاطعا الطريق أمام تغلغل الكيزان وعشمهم بالعودة للسلطة مرة آخرى !!!مما أزعج الكثيرين وأولهم الكباشي الذي حاول دغدغة عواطف الشعب وهو في جنوب كردفان !!!ناسيا بأنه أصبح جزءا من أزمة التعقيدات المجتمعية بين النوبة أنفسهم ناهيك عن بقية مكونات كردفان الآخرى ؛ ومن ثم تبعه البرهان في حديثه بالأمس الذي يُعد لازم فائدة !!!ولن ينطلي على أحد !!!!والجميع بدأ يبحث عن الحلقة المفقودة التي عجلت بإضطراب المشهد عند كباشي والبرهان ومحاولتهم اللهث خلف خلق فجوة بين القوات العسكرية من أجل تحصين أنفسهم من الملاحقة القانونية في جرائم فض الإعتصام !!!وغيرها،والتعجيل بتطبيق الخطة (ج)التي ستقود البلاد الى الفوضى الخلّاقة ،التي يتضرر منها المجتمع الدولي قبل السودانيين .
ولنا عودة