ملاحم الفرسان في كردفان!
حينما نتحدث عن كرفان يجب أن نستصحب معنا ذاكرة التاريخ وتداعياته فالتاريخ يكتب ويسجل ويعيد مشاهدة مرات ومرات بدءاً بمعركة شيكان في حقبة المهدية وتحرير الخرطوم مروراً بإعلان إستقلال السودان من داخل البرلمان وحتى معركة الكرامة الحالية التي تعيد تشكيل تاريخ السودان الحديث،
وهنا لا نقصد القفذ فوق تضحيات قواتنا المسلحة الباسلة في كل شبر من تراب الوطن وقوات جهاز الأمن الوطني (أمن يا جن) ولا قوات شرطتنا البواسل أبوطيرة فكاك الحيرة ولا قوات المشتركة الأبية بفاشر السلطان ولا قوات المجاهدين والمستنفرين الذين مهروا بدمائهم سوح معركة الكرامة، ولكن حق علينا أن نعطي فرسان كردفان حقهم شهادة لله و للتاريخ والوطن، حيث يقول التاريخ أن بريطانيا العظمى تلقت هزيمة ساحقة في شيكان ولكن الصحافة البريطانية آنذاك حاولت أن تتحاشي تأكيد تلك الإنتصارات حتى نشرت صحيفة ” فروم تايمز – Frome Times ”
والتي تصدر بنواحي جنوب غرب انجلترا تقريراً دقيقاً عن تفاصيل موقعة شيكان أخذ موقعاً مميزاً بعددها الصادر في يوم الأربعاء 19 يناير 1884 . وفيه نسبت الصحيفة نسختها من الرواية لأحد الأسري من رجال هكس الذين تمكنوا من الهرب لاحقاً من مدينة الأبيض وجاء في ذلك التقرير
” في 4 نوفمبر تقدمت قواتنا نحو كازقيل وبعد مسيرة متواصلة استغرقت 4 ساعات تفاجأنا بهجوم ماحق من جيش العدو الذي اصلانا ناراً حامية . علي الرغم معاناتنا السيئة من العطش الا اننا حاولنا الحفاظ علي مواقعنا . في 5 نوفمبر توقف القتال قليلاً وكان علينا التقدم لإدراك الآبار وموارد المياه . بعد نصف ساعة من الزحف تفاجأنا بالثوار الذين اخذوا مواقعهم مختبئين خلف غابة شيكان ففتحوا فينا نيران بنادقهم وأحاطوا بِنَا من كل جانب . حاولنا الرد بقوة ولكن هجوم السودانيين اشتد علينا بعد ذلك و أُبيدت الحملة ولَم يتبق منها علي قيد الحياة سوي 200 من الجنود وبعض من الرقيق ممن جُرحوا اثناء المعركة. هذه كردفان وذاك
هو تاريخها يعيد نفسه ويسجل في حرب الكرامة انتصارات فرسان كردفان على أعداء الوطن ودول الاستكبار التي تحشد المرتزقة وترعى دعمهم عسكرياً وسياسياً وتسعى لتعزيزهم مدنيا بين شعبنا السوداني الثائر المثابر والصابر مستغلين العملاء من حملة الجوازات المزدوجة ،
فرسان كردفان في الأبيض الهجانة ام ريش ساس الجش، وقوات الاحتياطي النهود فرسان دار حمر وأبطال بابنوسة وأسود الجبال في الدلنج وكادقلي لقد قدموا دروسا عظيمة في الثبات والتضحيات ما يجعلنا نرفع لهم القبعات ونحييهم تحية إجلال وتعظيم هذه القوات الباسلة ظلت منذ بداية الحرب في 15ابريل صامدة ومحاربة ومحتسبة منتصرة على المليشيا التي جربت عشرات بل مئات الطرق للدخول لتلك المدن وباءت محاولاتها بالفشل بل تكبدت خسائر كبيرة قتل قادتها وشتت شملها حيث قضت الهجانة على قائد المليشيا المتمرد شيريا وطاردته حتى تخوم جنوب كرفان وقضت قوات الاحتياطي النهود على قائد التمرد فائز علي وفي بابنوسة قضى الجيش على المرتزقة وكل من سولت له نفسة الدخول للقميرة وفي الدلنج كبد أسود الجبال التمرد
خسائر وهزموهم شر هزيمة هكذا ظل فرسان كردفان يقدمون التضحيات والشهداء في صمود ما يحتم علينا تقدير هذه التضحيات المرصعة بالدماء الخالدة في سجل الوطن شموخا ونصرا وصبرا وتجلدا ثابتين كالجبال شجعان لا ترهبهم محاولات المليشيا الغادرة الجبانة وهي تقصف الأبرياء وتنهب المواطنين وتحاصر المدن وتقطع الإمداد وتمارس النهب والتخريب والقتل وتهرب من مكان إلى آخر ورغم شح الإمكانات وقلة العتاد والظروف الشداد لم تحنو هامات فرسان كردفان ولم تنكس راياتهم منتصرين في كل معركة،قابضين على الزناد مدافعين عن الأرض والعرض، ولعلي هنا أريد أن أهمس جهراً في آذان قادة مجلس السيادة وقيادة القوات المسلحة والقائمين على أمر الحكومة السودانية من وزارة مالية ومجلس وزراء ووزارة صحة وشؤون انسانية وغيرها من هيئات ومنظمات عليكم جميعاً بالنظر جلياً بل ملياً في دعم فرسان كردفان وتوفير كل ما يعزز انتصارات الوطن وحرب الكرامة لا تتركوا هؤلاء الفرسان
يتكبدون العناء لوحدهم وفروا لهم كل ما يسهم من عتاد فالحرب لا زالت في أوارها فالمليشيا مصممة على أن يكون لها موطء قدم في كردفان لتوسع أطماعها ورقعة نفوذها وهي تستغل ضعاف النفوس من أبناء تلك المناطق ولذلك تجدهم يهجمون يوم تلو آخر على القرى والمدن الصغيرة ينهبون الأسواق ويهربون ويزعمون أنهم يحققون نصراً أن حسم المعركة في كردفان يقضي على أحلام المليشيا المندحرة في سنار والفاشر والخرطوم وأم درمان وبحري وأكاد أجزم أن هلاكهم في كردفان يتجلى بل تجلى فقط قليل أمداد ودعم وأهتمام،
وأيضاً تحية عز وشموخ لمواطني كردفان الصامدين المحتسبين وهم يقفون خلف قواتهم المسلحة يدفعون ثمن ذلك دماء طاهرة وممتلكات أهلنا فرسان دار حامد والجوامعة والبديرية والشويحات والكواهله والهواوير ، وكل مكونات كردفان الغرة أم خيراً جوه وبره الكردافة حوض العزة الفافا المابنهبشوا ومابنقدروا.
